almourabey.jpg999

الرباط – “رأي اليوم”- نبيل بكاني:

في سياق حملة التضامن مع الصحفي المغربي علي المرابط، بخصوص استمرار المنع الذي يطاله، والذي يخوض اعتصاما امام مقر مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بجنيف بسويسرا منذ 24 حزيران/ يونيو 2015، احتجاجا على رفض السلطات المغربية تمتيعه ببعض حقوقه الادارية من ضمنها شهادة السكنى التي تتطلبها اجراءات تجديد بطاقته الوطنية وجواز سفره، وذلك بعد مرور عشر سنوات على حكم قضائي يعتبر من أغرب الأحكام القضائية نص على منعه من الكتابة لمدة عقد كامل بسبب ربورتاج تطرق فيه لموضوع النزاع حول الصحراء الغربية، أعربت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (مستقلة) عن قلقها بهذا الشأن.

وجاء في بيان لها توصلت “رأي اليوم” بنسخة منه انه يمكن لعلي المرابط “أن يموت إذا ما استمر إضرابه عن الطعام”, موضحا ان “المكتب التنفيذي للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان قرر تنظيم يوم تضامني مع +علي لمرابط+ بمقره المركزي” المتواجد بمدينة القنيطرة (شمال الرباط).

وأعلنت الرابطة نيتها خوض أشكال تضامنية واحتجاجية من بينها “اضراب رمزي عن الطعام لكافة المشاركين والمشاركات من الصحفيات والصحفيين الذين يودون التعبير عن التضامن”، اضافة الى تنظيم مهرجان تضامني.


وأكد البيان على “أن حرمان الصحفي المستقل +علي لمرابط+ من أحد أبسط حقوقه كمواطن مغربي يعد انتهاكا سافرا و خطيرا لحقوق الإنسان”.

وطالبت المنظمة الحقوقية السلطات المغربية “بتلبية هذا المطلب دون تأخر أو تردد مع تحميلها المسؤولية كاملة لما يمكن أن يحدث لعلي لمرابط”.

وفي سياق التعريف بالقضية، تأسست يوم الأربعاء الماضي بمقر العصبة المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، لجنة للتضامن مع علي المرابط باسم “لجنة التضامن مع الصحفي علي المرابط”، وقد عهدت رئاستها للمعتقل السابق بسجن “تازمامارت” أحمد المرزوقي، فيما تم تكليف الصحفي بصحيفة المساء، سليمان الريسوني بمهمة التنسيق.

 وقد وجه رئيس اللجنة خطابا مؤثرا وشديد اللهجة إلى رئيس الحكومة جاء فيه “يا رئيس الحكومة.. سلموا المرابط شهادة السكنى قبل أن تسلموه شهادة الوفاة”.

وفي اتصال لـ “رأي اليوم” بأحمد المرزوقي رئيس لجنة التضامن مع الصحفي علي المرابط، اعتبر هذا الاخير، ان منع علي المرابط من الحصول على أوراق ثبوتية لانجاز بطاقة الهوية الوطنية، سابقة. مشيرا الى ان  منح مسؤولين محليين في وقت سابق أوراقا تتضمن عنوان السكن الذي يقيم فيه برفقة والده، ومنعه فيما بعد من نفس الوثائق يعد تعارضا واضحا. مؤكدا على ان الهدف من وراء المنع الذي يطال الصحفي علي المرابط هو منعه من اصدار جريدته.

وشدد رئيس لجنة التضامن مع علي المرابط، على ان حرية الصحافة هي الاساس لبناء دولة الحق والقانون، متسائلا عن كيفية تحقيق الديموقراطية في ظل منع صحفي من حقوقه الأساسية.

 ويشار الى ان سلطات محافظة تطوان (شمال) أصدرت أول بلاغ لها بخصوص ما بات يعرف اعلاميا بـ “شهادة سكنى الصحفي علي المرابط”، في أيار/ مايو الماضي بررت فيه عدم تسليمه شهادة السكنى، كون انه “من بين الشروط الأساسية للحصول عليها شرط الإقامة الفعلية”.

وأضاف البلاغ انه “بعد البحث الذي أجري في الموضوع طبقا للمساطر المعمول بها، تبين أن العنوان الوارد في طلبه هو مقر سكنى والده وأن السيد علي المرابط غير مقيم به”.

وكان علي المرابط قد  تقدم يوم 20 نيسان/ ابريل 2015 لدى السلطة الإدارية المحلية بمدينة تطوان بطلب للحصول على شهادة للسكنى. 
 ودعا أحمد المرزوقي في تصريحه لـ “رأي اليوم” المسؤول أو المسؤولين عن هذا المنع الى تبني حوار حضاري لايجاد حل لهذا الملف الذي يمس بسمعة المغرب ويضرب بعرض الحائط المكتسبات التي تحققت، خاصة، يضيف المرزوقي، ان “الامر لا يشكل أدنى خطر على الوضع العام”، مشيرا الى ان ثمة قانون يعاقب اي صحفي في حالة ارتكابه تجاوزات قد تضر بالبلد، موضحا ان هناك عدالة يجب ان تطبق.

ومن ناحية اخرى، وتأكيدا على عدالة قضية علي المرابط المحروم من الحصول على “شهادة السكنى” التي تخول له تجديد بطاقة هويته المغربية ومن تم الحصول على جواز سفر جديد، التأم عشرات الحقوقيين والسياسيين والإعلاميين مغاربة وأجانب، يوم الجمعة الماضي في وقفة حول علي المرابط، امام مقر مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بجنيف السويسرية، حيث يخوض اضرابه عن الطعام لليوم الثاني والثلاثين على التوالي.

وغطت الوقفة العديد من وسائل الإعلام السويسرية والأجنبية التي استقت تصريحات من الهيئات الحاضرة، ومن علي المرابط الذي تحدث لبعض منها بصعوبة بالغة.

وبالموازاة مع تلك الوقفة تجمهر العديد من الاعلاميين والنشطاء الحقوقيين والمواطنين في تظاهرة أمام البرلمان بالعاصمة الرباط، دعوا فيها سلطات الرباط، الى التحرك من اجل تمكين علي المرابط من حقوقه الادارية، محذرين من تدهور حالته الصحية، حيث فقد علي المرابط منذ دخوله في الاضراب القدرة على المشي فضلا عن خسارة بعض كيلوغرامات من وزنه.

واعتبر الصحفي بصحيفة هيسبريس الالكترونية، رشيد البلغيتي، في تصريحه خلال الوقفة التضامنية “ان ما يقع لعلي المرابط، يقع للجسم الصحفي ولواقع الحريات في البلاد”، مضيفا “نحن امام رجل يعاني منذ ازيد من 15 سنة من المضايقات”، مبرزا ان توقيف الصحفي عن مزاولة المهنة لمدة 10 سنوات هو “اغرب حكم في الممارسة الصحافية في تاريخ المغرب”.

وأوضح البلغيتي انه “اليوم بعد انقضاء هذا الحكم، تم منعه من شهادة بسيطة كمحاولة لاجهاض مشروعه الاعلامي”.

وأكد البلغيتي على انه “حين يتضامن مع علي المرابط، فانما يتضامن مع نفسه، ثم مع الصحافة المغربية ككل”.

هذا، وانتهت الوقفة بكلمة ختامية للجنة، حملت فيها كامل المسؤولية للسلطات المغربية في ما ستؤول إليه قضية المرابط، ووضعه الصحي، مشيرة إلى أنها أجرت اتصالات مع مسؤولين في الدولة المغربية ولازالت تنتظر إجابات رسمية حول الموضوع.
وتجدر الاشارة الى ان المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان (غير حكومية) قد راسل عددا من المسؤولين في هذا الشأن من ضمنهم رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران، ووزير العدل و الحريات ووزير الداخلية و الوزير المنتدب المكلف بحقوق الإنسان ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان(هيئة حقوقية حكومية)”.
كما اعتبر مكتب فرع تطوان للجمعية المغربية لحقوق الانسان “حرمان مواطن من وثيقة إدارية بسيطة يعد ضربا للقوانين الوطنية الجاري بها العمل ومسا خطيرا للحقوق التي تكفلها القوانين الوطنية و مختلف الوثائق الدولية لحقوق الانسان”.

ويشار الى ان حملة تضامنية دولية واسعة انطلقت منذ اعلان علي المرابط دخوله في اضراب “الامعاء الفارغة” احتجاجا على “امتناع″ السلطات المغربية منحه شهادة السكنى، لتجديد بطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر، وانظمت لها شخصيات ثقافية وفنية دولية، يتقدمهما حاصلون على جوائز “نوبل” و “كان” و “كونغور”.

وجدير بالذكر ان عشرات السياسيين والبرلمانيين من كل من إسبانيا وفرنسا، بحسب مصادر اعلامية اجنبية، قد راسلوا الملك محمد السادس ملتمسين منه التدخل لدى السلطات المعنية من أجل تمتيع الصحافي المرابط بحقوقه المدنية والسياسية، التي تخول له مزاولة مهنة الصحافة، مطالبين السلطات المغربية “الكف عن كل أشكال التضييق والتشويش عليه”.

 وفي تصريح سابق لموقع “اليوم 24″ اعلن المرابط أنه بصدد  إطلاق صحيفة ورقية ساخرة وموقع إلكتروني بمشاركة كل من رسام الكاريكاتير، خالد كدار، والكوميدي السياسي أحمد السنوسي.

وجدير بالذكر انه في العام 2003، أصدر القضاء المغربي عقوبة ثلاث سجنا نافذا في حق علي المرابط، بتهمة “عدم احترام شخص الملك” اثرنشره في أسبوعيته “دومان” رسوماً كاريكاتورية تتطرق إلى النظام الملكي وكذا مقابلة مع سجين يساري سابق أعلن فيها ميولاته “الجمهورية”. وبعد ثمانية أشهر رهن الاحتجاز وإضراب عن الطعام دام 50 يوماً، أُطلق سراحه في كانون الثاني/ يناير 2004 بعفو من الملك محمد السادس.

وفي الثاني عشر من نيسان/ ابريل 2005، أصدرت المحكمة الابتدائية في الرباط، ما وُصف حينها بـ “أغرب حكم” على الصحافي علي لمرابط، حيث قضت بمنعه من العمل والكتابة الصحافية في بلده لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها خمسة آلاف دولار، وذلك في أعقاب التقرير الذي كتب فيه لصحيفة “إل موندو” الأسبانية أن الصحراويين المقيمين في مخيمات تندوف يُعتبرون “لاجئين” وليسوا في عداد “المحتجزين”، خلافاً للأطروحة الرسمية المغربية، مع الاخذ بعين الاعتبار أن القانون الجنائي المغربي لا ينص على مثل هذه العقوبة في أي فصل من فصوله.

ويعيش هذا الصحفي المستقل الى اليوم في مدينة تطوان حيث يدير الموقع الإلكتروني “دومان أونلاين” منذ عام 2011، متحدياً الحظر المفروض عليه، مؤكداً في الوقت ذاته أنه “لا توجد رقابة أو رقابة ذاتية أكثر من تلك التي تمس شرف الإنسان وكرامته”.